بقلم محمد البحري
تحدثت في مقال سابق عن تجربتي في الحصول على منحة في روسيا، و في هذا المقال أحب أن أضيف عدد من النقاط عن المنح الدراسية في روسيا بالإضافة لمعلومات هامة عن الحياة هناك من تجربتي.
ترتيب الجامعات:
هناك حوالي 400 جامعة في روسيا تقدم مقاعد مجانية لطلاب المنحة، حيث يتم اختيار ست جامعات للقبول في النهاية في جامعة واحدة حسب الترتيب، ويتم ذلك بعد اختيار رمز التخصص بالبداية الراغب في دراسته والمرحلة التي ترغب في اكمالها (بكالوريوس – ماجستير – دكتوراه)
وهنا يجب الاخذ كثير من الامور بعين الاعتبار عند الاختيار منها ترتيب الجامعات ومستوى المعيشة مع العلم أن روسيا تحتوي على العديد القوميات والثقافات المختلفة مثل الروس والتتر وغيرها.
لا يمكن تحديد ترتيب واضح ومعين للجامعات فهناك كثير من الأمور تؤخذ بعين الاعتبار مثل الانشطة البحثية أو المواضيع أو غيرها، و لكن يمكن تبسيطها بالنسبة للطالب المتقدم بأن اختصاص معين تتقدم به جامعة معينة تليها جامعة أخرى وهكذا.
بالنسبة لنا كنا كطلاب متقدمين من الخارج نعلم بأن مدينة موسكو و سان بطرسبورغ و كازان تتنافس فيما بينهم على كل المستويات، بما فيها الجامعات بأغلب الاختصاصات مع وجود بعض الاستثناءات من قبل جامعات في مدن أخرى.
لهذا السبب قمت بتحديد ضمن الخيارات جامعة تامبوف أولها والمعهد العالي للطاقة الكهربائية في موسكو آخرها وكان السبب الرئيسي مستوى المعيشة الذي كنت أخشاه وبالطبع وفق هذا الترتيب تم قبولي مباشرة من الرغبة الاولى.
و لكن تم سؤالي من قبل رئيس لجنة المقابلة عن السبب، فأجبته بشكل مباشر بسبب وجود اختصاص الطاقات المتجددة وبالطبع كنت مستحضر الاجابة من قبل، فلو انني أجبته بالسبب الحقيقي لتم رفضي كما ذكرت في المقال السابق.
مستوى المعيشة:
مستوى المعيشة يختلف من مدينة إلى أخرى حسب موقع المدينة ومركزها (السياسي – الصناعي – السياحي).
و تظهر الاختلافات فقط في الأماكن السياحية والعقارات وغيرها ولكن تبعًا لنظام روسيا الاقتصادي فإن الاختلافات في باقي السلع والمنتجات تكون بسيطة.
بالنسبة لنا كطلاب يكون الفرق فقط بالمصاريف التي لا تغطيها المنحة (تأمين صحي – سكن جامعي-..) وبالتالي أغلب المدن تعتبر متقاربة في باقي المصاريف مع وجود بعض الاستثناءات يجب الانتباه لها.
فمثلاً مستوى المعيشة في مدينة سوتشي يعتبر أعلى بكثير من غيرها، باعتبارها من أجمل المدن السياحية على مستوى العالم.
أمور أخرى يجب الإنتباه لها عند اختيار الجامعات:
يجب الانتباه لموقع المدينة التي توجد بها الجامعة، ومناخها!
فمثلاً هناك العديد من الجامعات في أقصى الشمال أو الشرق في سيبيريا (حيث تصل درجات الحرارة -٤٥ درجة مئوية ومنها أكثر برودة) بالإضافة إلى أن من الأفضل الإنتباه لبعدها عن العاصمة موسكو في حال لزم الحضور للسفارة، فمثلاً في المدن البعيدة قد يلزم للمسافر استخدام الطيران الداخلي و قد تستغرق رحلة القطار حوالي يومين.
كما أن هناك العديد من الثقافات التي تختلف من مدينة لأخرى، فمثلاً تعتبر مدينة كازان ذات أغلبية مسلمة وتشتهر بالكثير من المعالم الإسلامية، ويمكن اعتبارها من المجتمعات المحافظة مقارنة بغيرها من المدن الروسية، كما أنها تعتبر العاصمة الثالثة لروسيا.
بينما تحتوي موسكو وسان بطرسبورغ على نسبة تنوع أعلى من الطلاب الأجانب القادمين من أوروبا وآسيا و أفريقيا.
السفر إلى روسيا
بعد استلام الفيزا قمت بالحجز في مكتب الطيران، و لكن تم إعلامنا أنه وفقًا للقوانين الروسية عند الدخول للمرة الأولى يجب حجز تذكرة ذهاب و إياب، حيث في بعض الأحيان يتم رفض الوافدون لروسيا أول مرة لكثير من الأسباب.
لضمان أمر منع الدخول يجب إعلام المركز الثقافي الروسي بموعد السفر مع إرسال صورة التذكرة بالإضافة لمراسلة الجامعة أيضًا عن الموعد، حيث يتم إعلام الجهات المختصة في المطار الروسي بموعد الوصول من قبل الجامعة والمركز، كما تقوم الجامعة بإعطائك العنوان التفصيلي لمكان السكن الجامعي مباشرة للتوجه إليه عند الوصول.
وبالفعل عند وصولي للمطار لم انتظر أكثر من ربع ساعة مع العلم أن أغلب ركاب الطائرة هم من طلاب المنحة.
عند دخول المطار هناك شبكة وايفاي ومراكز تصريف عملات وبيع شرائح اتصال، فقمت بالصرف و الشراء باعتبارهم يتحدثون باللغة الإنجليزية.
و تواصلت مع أحد الطلاب في مدينتي ويدرس على حسابه الخاص وقد تعرفت عليه بعدما تم قبولي النهائي بالمنحة، حيث أخبرني كيف استقل سيارة أجرة إلى محطة القطار لأكمل المسير، وعند وصولي المدينة كذلك استعنت بسيارة الأجرة للوصول للسكن الجامعي.
بعدها ذهبت للجامعة بالإستعانة بأحد الطلاب العرب الذين رأيتهم، حيث أن الطلاب العرب والأجانب من يتحدثون اللغة الانجليزية يتواجدون في كل الجامعات الروسية المقدمة ضمن برنامج المنح.
قدمت جميع الوثائق و الشهادات المطلوبة لدراسة السنة التحضيرية والتخصص، مع العلم أنه يتم النظر إلى جميع التواقيع والاختام بما فيها ختم السفارة الروسية (في بعض الوثائق و ليس جميعها) ودفع مبلغ التأمين الصحي بما يعادل ١٠٠ دولار أمريكي تقريبًا وقسط السكن الجامعي أيضًا بما يعادل الـ 100$، بينما في جامعات أخرى حوالي 300$.
وقمت بتسليم الجواز لوضع فيزا دراسية لمدة سنة، وبعدها تم إعلامي بموعد اليوم الأول لدوام السنة التحضيرية.
ملاحظات وشائعات:
١- عند القدوم لروسيا يجب الوعي الكامل والحذر في كل شيء، خاصة في أيامك الأولى حيث سيتم محاولة النصب والإحتيال عليك، مثل في أجرة التكسي أو من أراد أن (يخدمك) من الطلاب بمقابل مبلغ معين.
٢- من الأفضل دائمًا الإعتماد على خرائط جوجل عند التنقل منذ وصولك المطار.
٣- عدم تسليم جوازك لأي شخص كان (باستثناء الجامعة) فهو هويتك الشخصية في بلاد الغربة.
٤- عدم الإصغاء لمن يقول بأن مستوى المعيشة عالي ولايكفيك ٥٠٠ أو ٧٠٠ دولار أميركي شهريًا لأن مصروفي الشخصي لا يتجاوز الـ ١٠٠ دولار أمريكي شهريًا أضف عليه راتب المنحة.
٥- حاول في السنة التحضيرية خاصة أن تركز قدر الإمكان على اللغة الروسية كتابيًا وسماعيًا وأن تحاول أن تتحدث قدر الإمكان مع معلميك، فهي فرصتك الذهبية لأن المدرس في التخصص لن يفرق بين الطالب الأجنبي و الطالب الروسي أثناء المحاضرات.
٦- حاول منذ لحظة قبولك في المنحة المواظبة على الدراسة المكثفة قدر الإمكان في المعاهد أو اليتيوب مثل قناة (هبه الإبياري) حيث ستتجاوز الكثير من الصعوبات أثناء سفرك وفي دراستك، لأن شرح المقرر الروسي يتم باللغة الروسية.
٧- بالنسبة لمن أراد أن يعمل أثناء الدراسة فمن الأفضل ألا يعمل خلال السنة التحضيرية لأهمية اللغة في الدراسة والعمل فيما بعد.
٨- يختلف العمل ومجاله ونسبته من مكان لآخر، و حتى الأجور، بالإضافة للقوانين التي من الأفضل اتباعها و التي تتغير من فترة لأخرى، حيث بإمكان الطلاب إخراج تصريح عمل أثناء الدراسة وقد تضطر للسفر لمدن أخرى للعمل في حال لم تجد عمل في مدينتك والرزق على الله أولاً وأخيرًا.
٩- من الأفضل اذا كنت بحاجة ماسة للعمل ولن تستطع تأمين الدعم الكافي أن يكون لديك حرفة معينة تخدمك ومن أفضلها هناك (حلاقة – خياطة – مطعم..)
١٠- يجب معرفة أن روسيا بلد يحكمها القانون بشكل تام فيجب كل الحذر تجاوز القانون والمخالفة تجنبًا للعقوبات التي ينتهي كثير منها بالترحيل، والشعب الروسي شعب ودود بامتياز ومتقبل للآخر بسبب تنوعه الكبير واننا سفراء لبلادنا وثقافاتنا شئنا أم أبينا.
اضف تعليق