يختلف تطبيق التواصل الاجتماعي إنستاجرام اختلافاً جذرياً عن فيسبوك و تويتر لإعتماده على الصور بشكل رئيسي عوضاً عن النص المكتوب.
ما مدى تأثير صور الأشخاص التي نراها على إنستاجرام على الرضا عن النفس والمظهر الخارجي؟
نستعرض هنا دراستين حديثتين في مجال علم النفس تقدمان بعض الأدلة العلمية لذلك.
الدراسة الأولى: وسائل التواصل الاجتماعي و الرغبة في عمليات التجميل.
تشير دراسات لوجود اهتمام كبير بين مستخدمين إنستاجرام (خصوصاً اليافعين منهم) للظهور بأبهى صورة عند رفع صورهم على التطبيق.
و هناك أدلة لقيام الكثير من المستخدمين بتعديلات مظهرية بسيطة مثل تغيير الملابس و تصفيف الشعر أو وضع مساحيق التجميل لأخذ الصور.
كما توجد أدلة للقيام بتعديلات مظهرية قصيرة المدى مثل صباغة الشعر.
و لكن هل هناك أدلة على الرغبة في القيام بتعديلات تترك أثراً طويل المدى على المظهر الخارجي مثل عمليات التجميل؟
قام مجموعة من الباحثين من كلية لندن الجامعية و جامعة إيلنوي في هذه الدراسة بتجربة للإجابة عن هذا السؤال.
شارك في التجربة ١١٨ طالبة جامعية في بريطانيا.
و تشهد بريطانيا ارتفاعاً في الإقبال على العمليات التجميلية من فئة الشباب و طلاب الجامعات بدون وجود عوارض صحية توجب القيام بها.
و يعتقد الباحثون أن أحد عوامل ارتفاع الإقبال على هذه العمليات هو تأثر الرضا عن الشكل الخارجي سلبياً في الآونة الأخيرة لدى المقبلين عليها.
ما التجربة التي قام بها فريق البحث؟
عُرض على المشاركين في الدراسة صوراً مشابهة للصور المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي كإنستاجرام تم اختيارها بعناية.
و لكن تم تقسيم المشاركين لمجموعتين بشكل عشوائي من غير علمهم.
المجموعة الأولى: عُرض على المجموعة الأولى صوراً لوجهات سياحية.
المجموعة الثانية: عُرض على المجموعة الثانية صوراً لوجوه شابات من نفس فئتهم العمرية بان عليهم القيام ببعض عمليات التجميل، منها تجميل الأنف و حشو الأنسجة و البوتوكس و تقشير الجلد بالليزر.
ثم سأل الفريق جميع الطالبات أسئلة عن مدى الرضا عن النفس و المظهر الخارجي، و مدى رغبتهم في الخضوع لعمليات تجميلية أو اهتمامهم بها.
ماذا وجد الفريق؟
وجد الفريق أن الطالبات اللاتي عُرض عليهن صوراً لوجوه نساء خضعوا لعمليات تجميلية كانوا أكثر رغبةً و اهتماماً بالعمليات التجميلية مقارنةً بالطالبات اللاتي رأين صوراً لوجهاتٍ للسفر و السياحة.
و الجدير بالذكر أن تأثير هذه الصور كان أكبر لدى:
١- الطالبات اللاتي يقضين وقتاً أطول في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي بشكلٍ عام.
۲ – الطالبات اللاتي يتبعن عدداً أكبر من الحسابات على وسائل التواصل الإجتماعي.
۳ – الطالبات اللاتي عبّرن عن عدم رضاهن عن مظهرهم الخارجي.
ماذا نستفيد من هذه الدراسة؟
بحسب نتائج هذه الدراسة، هناك تأثير لوسائل التواصل الاجتماعي على الرضا عن المظهر الخارجي و بالتالي الرغبة بالخضوع لعمليات التجميل.
و لكن تشير دراساتٍ أخرى في نفس الوقت عن عدم وجود أدلة لتحسن مدى الرضا عن المظهر حتى بعد الخضوع لعملية التجميل اذا كان الدافع الرغبة في تقليد أشخاص آخرين.
لذلك من المهم لأطباء التجميل معرفة دوافع الرغبة في الخضوع للعمليات وما اذا كانت متعلقة بأشخاص في وسائل التواصل الإجتماعي. و ضرورة التحدث مع الراغبين في الخضوع لها بموضوعية عن النتائج المتوقعة للرضا بعد العملية.
كذلك تشير هذه الدراسة لوجوب التوعية عن آثار النظر لصور الآخرين في وسائل التواصل الإجتماعي على الرغبة في التقليد أو ربما تغيير مظهرنا الخارجي.
فبمعرفة هذا الأثر النفسي قد نصبح أكثر وعياً عند اتخاذ القرارات…
الدراسة الثانية: إنستاجرام و مقارنة أنفسنا بالآخرين.
في الدراسة الثانية التي نستعرضها قام باحثون في جامعة نورثويسترن و لوس آنجلس و أوكسفورد بدعوة ۳۰۸ طالبة من جامعة أمريكية خاصة للمشاركة.
مع العلم أن جميع المشاركات في الدراسة مستخدمين نشطين في فيسبوك و إنستاجرام معاً.
تم تقسيم الطالبات لثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى: طُلب منهم تصفح حساب فيسبوك لمدة سبع دقائق كما يقومون في المعتاد.
المجموعة الثانية: طُلب منهم تصفح حساب إنستاجرام لمدة سبع دقائق كما يقومون في المعتاد.
المجموعة الثالثة: طُلب منهم لعب لعبة إلكترونية على جهاز آيباد لمدة سبع دقائق و عدم فتح إنستاجرام أو فيسبوك.
قام الفريق بعد انتهاء السبع دقائق مباشرة بتوجيه أسئلة للطالبات.
ماذا وجد الفريق؟
۱- وجد فريق البحث أن المجموعة التي استخدمت إنستاجرام كانت أكثر عرضة لرؤية صوراً لأشخاص مقارنةً بالمجموعة التي استخدمت فيسبوك.
۲ – بدت المجموعة التي استخدمت فيسبوك و المجموعة التي استخدمت إنستاجرام أكثر اهتماماً بمقارنة المظاهر بالآخرين عن المجموعة التي لم تفتح فيسبوك أو إنستاجرام (مجموعة اللعبة الإلكترونية).
۳ – و الأهم من ذلك، بدت المجموعة التي استخدمت إنستاجرام أقل إيجابية و أقل رضا عن المظهر الخارجي مقارنة بالمجموعة التي استخدمت فيسبوك.
و يعتقد فريق البحث من نتائج هذه الدراسة أن تطبيق إنستاجرام تحديداً قد يسبب ضرراً فيما يتعلق برضانا عن مظهرنا الخارجي مقارنةً بوسائل التواصل الإجتماعي الأخرى التي تعتمد على النصوص بشكل أكبر من الصور.
ما رأيكم في هذه النتائج؟
و هل تعتقدون أن نوعية الحسابات التي نتبعها على إنستاجرام مؤثرة على الرضا عن المظهر الخارجي؟
الدراسة الأولى: Walker, Candice E., et al. “Effects of social media use on desire for cosmetic surgery among young women.” Current Psychology (2019): 1-10.
اضف تعليق