بقلم جو
لغات الشعوب هي الطريق لمعرفة عاداتهم و تقاليدهم و تراثهم و تاريخهم، و مما لا شك فيه أن لكل شخص هدف معين يدفعه لتعلم لغة جديدة رغم الصعوبات و التكاليف التي قد تواجهه.
أنا لا أدّعي أنني من الأشخاص الذين يتعلمون اللغات و يتقنوها بسرعة، و لطالما واجهت مشاكل في تعلم اللغة الإنجليزية… و لكنني قررت منذ فترة تعلم لغة أجنبية جديدة و غير الإنجليزية التي يطمح الجميع لتعلمها و هي اللغة الألمانية، و نجحت في إتقانها.
حينما قررت إكمال دراستي الجامعية في ألمانيا لم يكن ذلك بالأمر السهل، لا سيما أنني لم أكن أعرف أي شيء عن الألمانية، و لكن كان لدي إصرار بأن أحاول لأنني رغبت في دخول مجال الهندسة، و كنت على يقين أن المانيا هي إحدى أفضل الدول في هذا المجال و أن الجامعات الألمانية ما أطمح إليه.
في هذا المقال سأتحدث عن قصتي في تعلم اللغة الألمانية و إتقانها بغرض الدراسة، و كيف أصبحت مصدر دخل جيد بالنسبة لي في مجال الترجمة.
إيجابيات اللغة الألمانية
١- من إيجابيات اللغة الألمانية أنها تُقرأ مثل ما هي مكتوبة تماماً، و تُكتب كما تسمعها، و هذا ما وفر علي الكثير من المصاعب التي كنت أواجهها سابقًا مع اللغة الإنجليزية.
٢- كما أن معظم حروف اللغة الألمانية تُقرأ و تُكتب مثلها مثل اللغة الإنجليزية، و هذا أيضًا وفر لي الكثير من الوقت لتعلم نطق الكلمات، حيث لم أكن بحاجة لتعلم الحروف من الصفر.
٣- كما أن هناك كلمات كثيرة متشابهة بين اللغة الإنجليزية و الألمانية، و كذلك بالنسبة للأفعال و حروف الجر، حيث أن هناك اختلاف بسيط فقط في النطق.
٤- إضافة الى ذلك، هناك ١٣٦ مليون شخص يتحدثون اللغة الألمانية، و يتواجدون في المانيا و النمسا و سويسرا… فإذا كانت إحدى هذه الدول وجهتك السياحية من الجميل أن تتحدث معهم و تخاطبهم بلغتهم.
سلبيات اللغة الألمانية
من الطبيعي أن يكون هناك سلبيات محددة في أي لغة تنوي أن تتعلمها… مما قد يزيد الأمور تعقيداً عند الممارسة و يجعل عملية الإتقان للغة أبطأ. و السلبيات في أغلب الأحيان تكون بحسب لغتك الأم.
من الأمور الصعبة في اللغة الألمانية التي واجهتها هي بالتأكيد أدوات التعريف و التنكير، فهي على عكس اللغة العربية… حيث يجب وضع أدوات التنكير في حال كان الاسم نكرة، و هناك ٣ أدوات تعريف و ٣ أدوات تنكير.
كما أن الأمر يصبح معقدًا أكثر لأن هذه الأدوات نفسها تتغير و يتغير تصريفها في حالة النصب و الجر.
مصاعب أخرى في تعلم اللغات
و من تجربتي أعتقد أن هناك بعض المشكلات الأخرى التي ربما تواجه الشخص عند تعلم أي لغة و قد تحبط المتعلم في بداية الطريق، مثل:
١- عدم القدرة على حفظ قدر كافي من الكلمات و الأفعال.
٢- عدم القدرة على فهم النصوص بشكلٍ كافٍ في البداية (بل بعض الكلمات فقط من غير القدرة على ربط المعاني)، مما يؤدي إلى الشعور بالإحباط و فقدان الأمل.
٣- عدم القدرة على كتابة نص كامل باللغة الجديدة أو القدرة على التعبير بسهولة، و ذلك لعدم امتلاك القدر الكافي من الكلمات و الأفعال و الصفات و حروف الجر، أو القدرة على تصريفها بالشكل الصحيح.
و لكن يجب ألا تكون هذه المصاعب مصدر للإحباط و سبب للتوقف، لأن اللغة لا تتقن إلا بالممارسة باستمرار. و اسأل حتى الأشخاص الذين كانوا يمارسون لغة بإتقان في بلد معين ثم تركوا البلد و توقفوا عن ممارسة اللغة… ستجد أنهم سيقولون أن الحديث بها أصبح أصعب بالنسبة لهم.
طرق و حلول فعالة لتعلم اللغة بسرعة
أحد أهم هذه الطرق التي استخدمتها أنا شخصياً و كانت النتيجة مذهلة خلال شهور قليلة هي كتالي:
الطريقة الأولى
قمت بشراء دفاتر صغيرة مخصصة لوضع الكلمات، و صفحات كانت مقسمة من المنتصف إلى نصفين. و بإمكانك تقسيم صفحات دفترك بنفسك اذا لم ترغب بشراء الدفتر من هذا النوع….
و كنت أدون في هذا الدفتر الصغير كل الكلمات الجديدة و الغريبة التي تمر علي من خلال دروس و فيديوهات و الحياة اليومية…
و في حال رغبتي بالتحدث مع شخص، و شعوري قبل رؤية الشخص بأنني أحتاج إلى ترجمة بعض الكلمات لكي أعبر بشكل أفضل لتوصل فكرتي عند مقابلته، كنت أدون تلك الكلمات أيضًا في الدفتر قبل المقابلة….
بعد ذالك كنت أقوم بمراجعة الكلمات بشكل مستمر و لعدة أيام… و مع الوقت أصبحت أشعر أنني أتذكر معظم الكلمات في الدفتر و معانيها. و كنت أحدد الكلمات التي أتقنتها بقلم فوسفوري أصفر، أما الكلمات التي كانت صعبة نوعًا ما بالنسبة لي سواء من ناحية حفظها أو نطقها، كنت أحددها بقلم فوسفوري أحمر لكي أركز عليها بشكل أفضل….
و بما أن حفظ تلك كلمات كانت المشكلة الأكبر، كنت أعيد قراءتها قبل النوم، و أحاول التفكير بها. و بذلك كانت الكلمات تترسخ في ذهني بدون أي جهد مضاعف.
الطريقة الثانية
أما الطريقة الثانية التي ابتكرتها كانت لفهم مضمون النصوص باللغة الألمانية، و أعني بذلك النصوص الطويلة التي كانت تتحدث في كل مرة عن موضوع مختلف، مثل البيئة و التكنولوجيا و مجالات العمل و أمور الحياة في المانيا و ما إلى ذالك.
كنت أقوم بقراءة النص، و عندما أواجه كلمات لا أعرف معناها كنت أضع تحتها خط بقلم الرصاص فقط و لا أتوقف لترجمتها، بل أستمر بالقراءة.
و عند الانتهاء من قراءة النص كاملاً و تحديد الكلمات الجديدة فيه، أقوم بترجمة الكلمات الجديدة (التي تحتها خط) و كتابة الترجمة قربها… و بعد ذلك أعيد قراءة النص مرة أخرى كاملاً… و بذالك يصبح لدي تصور كامل للنص و عن ماذا يتحدث.
كذلك كنت بعد ذلك أضيف تلك الكلمات الجديدة للدفتر الذي تحدثت عنه فيب الطريقة الأولى.
النتيجة بعد ممارستي الشخصية لهذه الطرق
الطرق التي ذكرتها زادت من معرفتي و قدراتي في اللغة الألمانية بشكل سريع، حيث زاد عدد الكلمات التي أعرفها، و أصبح لدي قدرة على فهم سياقات الحديث و الجمل، و أصبحت قادراً على تركيب الجمل و ترتيبها بشكل جيد.
و كانت النتيجة صادمة لي و للمدرسين في المعهد، فقد اجتزت امتحان اللغة للقبول الجامعي في المانيا بكل سهولة…. و السبب أن النصوص و الكلمات كانت معروفة لي و أصبحت أمتلك مهارة فهم النصوص سواء عن طريق القراءة أو الاستماع.
وحصلت على مقعد دراسي لدراسة الهندسة في إحدى الجامعات المانية.
مصدر دخل إضافي
إلى جانب الدراسة في المانيا، كان لا بد لي من العمل لتغطية تكاليف الدراسة فهي باهظة…. و عند بحثي عن عمل فكرت في تجربة العمل في الترجمة بين العربية و الألمانية….
و فعلاً قمت بالبحث عن المكاتب المتخصصة و تسجيل نفسي لدى بعض مكاتب اللغات و الترجمة، و وجدت أن دوائر الدولة و المستشفيات و المدارس في المانيا تحتاج إلى مترجمين بكثرة، لأن عدد كبير من الأشخاص القادمين الجدد إلى المانيا لا يتحدثون اللغة الألمانية. و كما تعرفون أن الكثير من المهاجرين هم من متحدثين العربية.
و استطعت الحصول على العمل في هذا المجال لأن لغتي كانت جيدة، و أصبحت مصدر دخل جيد بالنسبة لي، حيث من الجميل أن ساعة الترجمة ب 30€ ! و هو أجر ممتاز مقارنةً بأعمال أخرى.
و أتمنى لكم التوفيق في تعلم اللغة التي تحبونها…
اضف تعليق