بقلم منه قنديل (باحثة دكتوراه في علم النفس)
تعتبر فترة الانفصال من أصعب الفترات التي يمر بها الرجل والمرأة على حدٍ سواء……
فلا شك أن هذه الفترة يصاحبها الكثير من الألم والمشاعر السلبية كالحزن، والغضب، والحسرة، والندم…… وقد نختلف كأشخاص في نوع المشاعر التي تصاحبنا أثناء فترة الانفصال وفقًا لإدراكنا لحجم ونوع الخسائر من وراء هذه التجربة……..
ولكن الشيء الذي لا نختلف فيه هو أن كل من عايش ألم الانفصال يحتاج إلى الدعم النفسي، وإلى تعلم بعض المهارات النفسية التي تساعده على تخطي هذه المرحلة الصعبة …..
لذلك دعونا في هذا المقال نتعرف إلى بعض النصائح، والمهارات النفسية التي تساعد على التغلب على ألم الانفصال، والتعامل مع المشاعر السيئة، والوصول إلى الاستقرار، والهدوء النفسي:
١- ابكي ولا تكبت مشاعرك
فالبكاء يعد أفضل مهدئ للأعصاب، ويساعد على تفريغ الطاقة السلبية المكبوتة بداخلك، مما يقلل من شعورك بالألم والحزن ويحسن من حالتك المزاجية……. فتجنَب أن تظهر لنفسك أنك شخص قوي وصارم ولست متأثر بما حدث، فذلك من شأنه أن يزيد من آلامك، فلا تخجل عزيزي القارئ من البكاء ولا تقاومه، وتخيل أن المشاعر المؤلمة تتسرب من ذهنك وجسمك كالماء بينما يمشي في الأنابيب.
٢- ارفض التفكير في المواقف المؤلمة
ضع أفكارك في صندوق وارمه بعيدًا عنك!
فمن الطبيعي في هذه الفترة أن يطرح عليك عقلك العديد من الأسئلة: ماذا حدث لتنتهي علاقتنا؟ ولماذا حدث ذلك؟ هل كان بإمكاني فعل المزيد لنجاح العلاقة ولم أفعل؟ في هذه الحالة كل ما عليك هو أن تجيب عقلك بإجابة واحدة وهي: “لا أعرف” فهذه الإجابة ستعمل على غلق دائرة الأفكار اللا متناهية التي يستدرجك عقلك للدخول إليها والتي لن تجني من وراء الانسياق إليها سوى المزيد من المعاناة.
٣- مارس تهدئة الذات
هل جربت من قبل أن تتأمل النجوم في السماء؟…
أن تنظر إلى شروق الشمس أو غروبها؟…
أن تقوم بشراء وردة جميلة وتستنشق عبيرها؟…
أن تحتضن شخص عزيز عليك؟…
أن تشاهد الطبيعة من حولك؟…
أن تركز انتباهك إلى الأصوات الموجودة في الطبيعة( الطيور، الأمواج، حفيف أوراق الشجر….الخ)؟…
إذا لم تكن قمت بذلك من قبل، فهذه هي اللحظة المناسبة التي تبدأ بها في ممارسة هذه الطرق اللطيفة التي تسبب الشعور بالمتعة والراحة، وتساهم في التخلص من ألم الانفصال، قم بممارسة هذه المهارة لمدة لا تقل عن خمس دقائق يوميًا.
٤- ابحث عن المعنى
لكي تعيش فإنه عليك أن تعاني… ولكي تبقى عليك أن تجد هدف ومعنى لهذه المعاناة…
فكما أشار الطبيب النفسي “فيكتور فرانكل” مؤسس العلاج بالمعنى “أن الحياة لها معنى تحت جميع الظروف حتى الأكثر بؤسًا منها” فيجب عليك عزيزي القارئ أن تبحث عن هدف ومعنى من الموقف المؤلم الذي مررت به، وأن تحاول التركيز على المظاهر الإيجابية، وعلى ما اكتسبته من خبرات أثناء مرورك بهذه التجربة، واشعر بالامتنان لها، وكرر ذلك دائمًا في ذهنك.
٥- اسمح لنفسك بالراحة
فالشعور بألم الانفصال يتطلب منك أن تسمح لنفسك بأن لا تفعل شيء… فقط تجرد من جميع مسئولياتك لبعض الوقت، وإليك بعض الاقتراحات لممارسة ” اللا شئ”:
أعطِ لنفسك إجازة قصيرة…
أغلق هاتفك الجوال ليوم كامل…
استلقِ على السرير، واسحب الأغطية فوق رأسك…
اذهب إلى الشاطئ، أو الحديقة ليوم كامل…
شاهد فيلمك المفضل…
٦- قم بإحراق الجسور
من المؤكد أن هناك الكثير من الأشياء التي كانت تربطك بشريكك السابق..( هدايا، عطور، ملابس….) حاول التخلص منها جميعًا، فقد يكون من الصعب أن تنسى شخص ولديك الكثير من الأمور التي تذكرك به….
لا تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به، لا تتابع تحركاته، لا تحاول الاتصال به، ولا تسمح له بالاتصال بك، حتى تساعد نفسك على التعافي من ألم الانفصال، والعودة إلى حياتك الطبيعية سريعًا… واذا كان لديك رغبة قوية في الاتصال به فقم بإعداد قائمة بإيجابيات الاستجابة لهذه الرغبة وسلبياتها أيضًا، وقائمة أخرى بإيجابيات مقاومتك لهذه الرغبة، وسلبياتها أيضًا، احملها معك، وكرر قراءتها مرة تلو الأخرى فإن ذلك من شأنه أن يجعلك أكثر وعيًا بتبعات قرارك، وعدم الاستسلام لرغباتك.
٧- لا تتعجل الدخول في علاقة جديدة
كثيرًا من الأشخاص يبادرون بالخوض في غمار علاقة عاطفية جديدة بعد انتهاء علاقة سابقة، لكن لا تحاول التشافي من ألم الانفصال بالدخول في علاقة أخرى، فلابد أن تترك لنفسك المجال حتى تتعافى تمامًا فأنت في هذه المرحلة لست مؤهلًا نفسيًا لذلك، وهذا أدعى لعدم استمرار العلاقة الجديدة، والمزيد من المعاناة.
٨- تحدث مع من تثق بهم
أثناء رحلة التعافي من ألم الانفصال لا تنسى أن تستعين بالأصدقاء ذوي الدعم الغير مشروط، والذين لن يقوموا بإطلاق الأحكام عليك، من تستطيع التحدث معهم بحرية، وأنت على ثقة بمساندتهم واحترامهم لمشاعرك، وإذا لم يكن لديك هؤلاء الأصدقاء يمكنك الاستعانة بجماعات الدعم النفسي التي ستوفر لك كل هذه المزايا.
وأخيرًا ارغم نفسك على إنهاء فترة الحزن، وحاول ألا تبقى أسيرًا للأحزان، وألا تسجن نفسك بعيدًا عن الناس، وحاول الخروج والتواجد باستمرار وسط الأصدقاء المقربين حتى تساعد نفسك على التعافي واستمرار الحياة، ولا تنسى أن تحب ذاتك وأن تعرف أن انتهاء علاقة لا يعني انتهاء الحياة بل يعني بداية حياة جديدة وأمل جديد.
أزال الله ألامكم جميعًا ومتعكم بالسعادة وراحة البال….
اضف تعليق