بقلم هناء سعيد
هل انتهى حلمي؟ هل سأصبح مجرد ربة منزل خالية الطموح؟
عبارات كانت تجول خاطري كلما صادفت منشوراً عن وظيفة مميزة على مواقع التواصل الإجتماعي، أو كلما سمعت أخبار أصدقائي الذين قد حصلوا على وظيفة جيدة، أو تم ترقيتهم لمنصب أعلى، في الحين الذي أصبحت فيها حبيسة المنزل من أجل تربية طفلتي الصغيرة من دون أي أمل في التقدم بمسيرتي المهنية.
ماذا أفعل؟ هل استسلم للواقع وأضيع تعب سنين لأني أصبحت الآن أماً؟
في هذا المقال سأتحدث عن تجربتي المتواضعة عن نجاحي في العمل الحر على الإنترنت وأنا أم لطفلة صغيرة لا تتجاوز السنتين من عمرها، بالاعتماد على نفسي. و أتمنى أن تكون هذه التجربة محفزة لجميع الأمهات على التمسك بطموحهن وتشجيعهن على تطوير أنفسهن في كافة المجالات.
من أنا وماهي قصتي ؟
أنا امرأة جامعية، ولدي طفلة صغيرة، دخلت مجال المعلوماتية، و على الرغم من صعوبته بالنسبة لي، و ظروف الحرب التي عاشتها بلادي سوريا في ذلك الوقت، نجحت وتخرجت بفضل الله، وبعدها قمت بتطوير نفسي وخاصة في مجال اللغة سعياً وراء الحصول على وظيفة بشركة محترمة. وقد نجحت أيضاً بفضل الله في الحصول على الوظيفة في شركة كبيرة وكنت أحب عملي جداً. وراتبي كان ممتاز بالنسبة لي. وبعدها تزوجت ورزقت بطفلة وكانت أموري جيدة جداً.
إلى أن جاء اليوم الذي سمعت فيه خبر انتقال أهلي إلى محافظة أخرى… ماذا أفعل؟ وأين أضع طفلتي؟ فأهل زوجي أيضاً في محافظة أخرى ولم يكن باستطاعتي تسجيلها في حضانة خاصة، فهي مكلفة جداً، عدا أنها مازالت صغيرة جداً وتحتاج إلى العناية والاهتمام. فما الحل؟
بالطبع كأم اتخذت القرار الذي يصب في مصلحة ابنتي وتركت وظيفتي، ولا أنكر أن هذا القرار كان صعباً للغاية، وحزنت كثيراً… فهذه الوظيفة كانت بمثابة حلم بالنسبة لي وخسرته.
ومرت الأيام بعدها، و كان تعلق ابنتي بي يزداد كل يوم، مما جعل فكرة عودتي إلى العمل مرة أخرى أصعب.
ثم جاء اليوم الذي تم فيه فرض الحجر الصحي على البلاد بسبب فيروس كورونا … و تغيرت الأمور حيث تزامن معها انتشار فكرة العمل عن بعد بكثرة، وهنا أحسست بالأمل واتخذت القرار بوجوب استغلال الفرصة والسعي لتطوير نفسي أكثر.
الصعوبات التي واجهتها وكيف تخطيتها
لقد بدأت بالدراسة بالفعل و حضور دورات تدريبية على الانترنت سعياً في الحصول على وظيفة أستطيع العمل بها من المنزل، و لكن لم تكن البداية جيدة. فابنتي متعلقة بي لدرجة أنها لا تترك لي المجال للدراسة حتى وهي نائمة، عدا أن واجباتي المنزلية كانت تأخذ معظم وقتي، و عدم وجود أحد لمساعدتي. فكنت على وشك اليأس والتوقف عن الدراسة والمحاولة. و احتجت الكثير من الصبر للتغلب على العوائق.
كانت بدايتي بالدراسة نصف ساعة كل يوم فقط، و لكن مع مرور الوقت والأيام أصبحت ابنتي تعتاد قليلاً على هذا الوضع، و أنا استطعت تنظيم وقتي بشكل أفضل. فكنت أحاول الاستيقاظ قبلها بفترة و أستغل وقت لعبها أو حضورها التلفاز بإنهاء دراستي و التدريب، و يوماً بعد يوم كانت هذه الفترة تزداد تدريجياً إلى أن تجاوزت الساعتين في اليوم. وبدأت ألمس الفرق وأشعر بالتقدم و الإنجاز، وهذا الذي كان يدفعني للاستمرار والمتابعة و استغلال أي فرصة من أجل الدراسة. فالتقدم البطيء خير من الوقوف في البداية، و الوقوف يؤدي إلى التراجع مع مرور الوقت.
كيف نجحت في العمل الحر؟
بدأت بالتقدم لوظائف العمل عن بعد وحاولت كثيراً ولكن لم يحالفني الحظ. لم تكن خبرتي كافية للقبول في هذه الأعمال، و بعد كل مقابلة عمل كنت أشعر بالفشل واليأس… و أقول لنفسي : “لماذا يحدث هذا معي؟!
لقد تعبت وحاولت كثيراً… ألا يفترض أن يأتي النجاح بعد التعب؟!
ولكن لم أكن أدري أن الله كان يأخذني إلى طريق أفضل بكثير مما تمنيت لنفسي.
عدت للدراسة من جديد بعد أن أمضيت أياماً أعيش في دوامة هذه الأفكار السلبية. وفي يوم من الأيام صادفت منشوراً يتحدث فيه عن منصات العمل الحر، و عن أشخاص حققوا الكثير من الأرباح من خلالها وبمهارات بسيطة. فقررت التجربة.
و كانت المفاجأة بعد أيام فقط من انضمامي للمنصة… حيث قدمت أول خدمة لي في مجال المعلومات و البرمجة وحققت الربح خلال الأسبوع الأول. لقد كان شعوراً جميلاً، فأنا استغل مهاراتي وأزيد من خبرتي، وأحقق الأرباح في نفس الوقت. عدا أنني أعمل و أنا بجانب ابنتي دون أن يتغير عليها شيء. و كل هذا كان بفضل الله الذي أوصلني لهذا الطريق.
نصيحتي لكل أم
١- عدم التخلي عن الطموح
فكونك أماً لا يعني الاستغناء عن مستقبلك وطموحك، بل يجب أن يشجعك أكثر على تطوير نفسك لأنك أصبحتي قدوة لأطفالك ومثلهم الأعلى. و الأمر كله يحتاج لقليل من التنظيم والمثابرة والاستمرار.
٢- الإيمان بقدراتك والثقة بنفسك
لا تسمحي للأفكار السلبية والاحباط بالتغلب عليكِ، فأنتِ قوية… و تذكري أنكِ اجتزتِ ماهو أصعب بكثير من هذا. و مهما كانت مهاراتك قليلة، إلا أنها قد تكون سبب نجاحك بالجد والإجتهاد، و تستطيعين تنميتها بالشكل الصحيح.
٣- الصبر
وهذه النصيحة الذهبية في تحقيق أي هدف. الصبر مفتاح الفرج… مهما كانت البداية صعبة وكثرت العوائق، ستتلاشى بالصبر والسعي.
و أتمنى لكم النجاح و السعادة دائماً…
اضف تعليق