كتابة أميره علي
خلال تصفحي للإنترنت و وسائل التواصل الإجتماعي أرى الكثير من طلبة الجامعات يبحثون عن مصادر دخل إضافية أثناء الدراسة، أو من يمرون بصعوبات، لا سيما مع ما نشهده من أوضاع اقتصادية غير مريحة. في هذا المقال سأكتب عن تجربتي في العمل أثناء الدراسة و التي لم تكن سهلة، و أعطي بعض النصائح من هذه التجربة المتواضعة. أتمنى أن تكون تجربتي مصدر للتشجيع و التحفيز لمن يرغب بالعمل أو من يواجه أيام صعبة.
من أنا؟
انا أميره، بنت مصرية خريجة كلية تجارة جامعة القاهرة ، أعيش حياة بسيطة مع أهلي لدي ٥ اخوات وأنا أكبرهم ، كنت اهتم بدراستي جداً لأن هذه الكلية كانت ضمن طموحاتي رغم عدم توفر العمل في المجال بعد التخرج. كنت أحب دراسة هذا المجال ولكن كانت مصاريف الجامعة بالنسبة لي عبئ يتحمله والدي وأنا كنت منزعجة جداً لمشقة والدي من أجلي أنا واخوتي فقررت أن أعمل.
بدايتي مع العمل
عندما أصبحت في السنة الثالثة في الجامعة ، قررت أن أبحث عن عمل و أحاول أن أنسق بين أيام العمل و أيام الدراسة. و بحثت في مواقع التواصل الإجتماعي على فرصة عمل للطلبة بدوام جزئي فوجدت وظيفة تسويق لشركة أدوات كهربائية وما شابه مقابل ١٥٠٠ جنية مصري. سعدت كثيراً عندما رأيت هذه الفرصة فنزلت اليوم التالي مباشرة و أخذت بطاقتي وبعض الصور الشخصية وكل ما تحتاجه الوظيفة.
دخلت الشركة وأنا في قمة سعادتي للتقدم على وظيفة جديدة بكل إيجابية و حيوية…
عند وصولي قالت لي السكرتيرة أعطني البطاقة والأوراق فأعطيتها وانتظرت قليلاً ، و أدخلتني بسرعة للمقابلة.
كنت متوترة بعض الشيء فسألني المدير بعض الأسئلة من ضمنها:
١- هل عملت في مكان من قبل ؟
٢- من أين عرفتي عن هذه الشركة ؟
٣- لماذا قدمت على الوظيفة في هذه الشركة تحديداً ؟
وبعض لأسئلة المشابهة.
بعد أن أجبت كل أسئلته طلب مني الخروج والانتظار في الخارج قليلاً . ثم جاءت لي السكرتيرة تقول لي مبروك قبلتي في الوظيفة ويمكنك البدء من الغد!
ذهبت و أنا في قمة السعادة… و كل تفكيري أني من الآن سأخفف الحِمل عن أبي ولن أضطر لطلب المال من أبي كل يوم!
وصلت للمنزل ولم أقل لأحد من أهلي عن الوظيفة الجديدة لأني أعرف جيداً رفضهم لهذا العمل حتي لا أنشغل عن دراستي.
و في اليوم التالي ذهبت إلى العمل لأول مرة.
الصعوبات التي مررت بها
في الوظيفة كنت آخذ بعض المنتجات من الشركة (مثل كشاف صغير وبعض الأدوات الكهربائية الصغيرة) و أضعها في حقيبة كبيرة وثقيلة جداً و أذهب للتسويق لها كل يوم في منطقة مختلفة كل يوم. كان ذلك في فصل الصيف وكانت الشمس شديدة الحرارة. فلك أن تتخيل صعوبة الأمر.
كنت أذهب لكل محل في الشارع وكل كافيه، و أنا طبيعتي الخجل من التعامل مع الناس الغرباء. قلت لا بأس… إن هذه فرصة لكسر هذا الخجل و تعلم التعامل مع مختلف الأصناف من البشر.
كنت أقوم بعرض المنتجات و أنا أشعر بنظرات الناس لي في الشارع… كانت نظرة استعطاف وشفقة. و بعضهم غير راضٍ عن أن بنت تهلك نفسها في العمل في الشوارع من أجل المال، و أن هذا العمل للأولاد فقط وما شابه هذا الكلام.
لكني لم أتوقف عن العمل باجتهاد.
في أول يوم عمل عرضت المنتجات في كل مكان استطعت الوصول له. من الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة السادسة مساءاً. و بعد كل هذا لم أستطيع بيع إلا منتج واحد فقط. كنت حزينة بشدة على التعب بدون فائدة.
ذهبت للشركة و أعطيتهم الشنطة وقلت لهم بعت منتج واحد فقط.
قالوا لي لك أجر ٥٪ على كل منتج بعتيه فقلت و لكنني قرأت في الإعلان أن المرتب ١٥٠٠ جنيه… و أن هذا المرتب قليل جداً بالنسبة لجهدي.
فقيل لي استمري و سيزداد مرتبك بعد شهر من العمل.
لم يكن لدي خيارات، فوافقت وذهبت.
و في الصباح الباكر ذهبت لمنطقه غير التي سوقت بها بالأمس و استطعت بيع منتجين بعد تعب و جهد يوم كامل.
ذهبت للشركة وأنا حزينة و تركت الشنطة وانصرفت و كان واضح علي أثر التعب.
بعد عودتي لاحظت أمي تعبي و طلبت مني أن أرتاح من الجامعة يومين. فقلت لها لا، أنا بخير.
ذهبت لليوم الثالث على التوالي للعمل ولم أبيع في ذلك اليوم و لا منتج!
و كالعادة ذهبت للشركة وتركت الشنطة وكنت لا أريد حتى النظر في عين الموظفين في الشركة من كثرة الخجل.
رجعت للجامعة في اليوم التالي و أنا متعبة للغاية، ولم استوعب شرح الدكتور في المحاضرة من كثرة التعب واليأس، وانتهى اليوم و أنا منهكة بالتفكير في حل لهذا العمل. لماذا لم أستطع بيع شيء؟!
تحدثت مع صديقة لي كانت تريد العمل أيضاً و أقنعتها أن تتقدم لنفس الوظيفة لننزل للعمل معاً ونشجع بعضنا.
و بالفعل أصبحنا ننزل في منطقة واحدة و كل واحدة منا تدخل محل وتسوق للمنتجات. بعت أنا في أول يوم مع صديقتي منتج واحد و هي باعت أيضاً منتج واحد. قلنا لا بأس و شجعنا بعضنا.
و بعد الدخول لكثير من المحلات وصلت لشخص تحدث معي و عرف أني طالبة و أعمل فاشترى مني أكثر من ١٠ قطع! ودلني على اكثر من منطقة وقال لي لو سوقت المنتجات هناك سوف تجدين عدد أكثر من الناس التي تدعمك و تشتري منك. و بالفعل بعد ذهابنا لتلك المنطقة أصبحنا نبيع المنتجات أنا وصديقتي كلها في خلال ٥ ساعات فقط!! و ذلك بعد أن كنت أظل بالـ ٩ ساعات من غير بيع ولا قطعة واحدة!!
كانت سعادتي لا توصف آنذاك، و شعرت حقاً في وقتها أنني بدأت جني ثمار تعبي. وزاد مرتبي ١٠٪ و أخبرت أبي عندها أني أعمل و أني سعيدة في هذا العمل.
رفض أبي في البداية، وبعد الحاح مني وافق ودعمني وتأقلمت على هذا العمل وكنت أنزل كل يوم بحماس لكي أبيع أكبر عدد من القطع. (أبي الذي كان يدعمني توفي فيما بعد رحمة الله عليه.)
نصيحتي لمن يبحث عن مصادر للدخل أثناء الدراسة
١- العمل يحتاج أن تفهم الكثير عنه قبل أن تشرع بالبدء بتنفيذه.
اسأل الآخرين و تعلم عن العمل بشغف. لا تقلق اذا كان الأمر صعب في البداية، و تأكد أنك ستكون خبرة جيدة و بسرعة بالعمل الجاد و الاستمرار. أنا صدمت في بداية عملي حيث لم يكن لدي أي خبرة فيه. و لكن كان يجب أن أبحث عن معلومات وصعوبات هذا العمل قبل البدء. لذلك احرص على سؤال أي شخص مر بهذه التجربة لكي تتفادي الأخطاء المتكررة في بداية العمل.
٢- تحتاج للحفاظ على الإيجابية و من يدعمك و يشجعك
ابحث عن شخص يعطيك طاقة إيجابية للاستمرار في العمل و الابداع فيه مهما كانت درجة صعوبة العمل الذي تنوي القيام به. الطاقة الإيجابية ستساعدك في الوصول لأهدافك في النهاية.
٣- الصبر
أي نجاح بدايته تكون صعبة، وتحتاج لجهد كبير قد يكون من الصعب تحمله. و لكن ثق بالله أنك ستجني نتيجة تعبك في النهاية.
٤- اسعى للرزق والعمل الحلال و سترزق و تنفتح لك أبواب الخير
لا تبحث عن أي وظيفة من غير تحري الرزق الحلال قبل أن ترتبط بهذا العمل. سيعوضك الله بالحلال عند تركك عمل لا يرضيه رغم حاجتك، و سيرزقك من حيث لا تحتسب.
اضف تعليق