بقلم: مجد الدين صفايا
خمس سنوات مضت وأنا أسعى لتطوير نفسي، فبعد تخرجي من الجامعة اكتشفت أني صفر اليدين وتحطم أمامي وهم الشهادة الجامعية بأنها بوابة النور لعالم المال، لا أقول ذلك لأقلل من قيمة الشهادة الجامعية وإنما لأنقل لكم واقع الأمر… فكل سنة يتخرج آلاف الطلاب، والكل يبحث عن عمل، فمن الطبيعي جداً رفع معايير ومتطلبات التوظيف….. فلم يعد الخريج عملة نادرة بعصر تميز بالسرعة ووفرة المعلومات، وإنما انصب الاهتمام على الخبرات والمهارات والشهادات الإضافية.
لذلك بدئت من حينها بتطوير نفسي فحضرت الكثير من الدورات التدريبية ولم أفكر قط بحضور دورة تدريبية عن بعد (أونلاين) لعدم إيماني التام بقدرتها على إيصال المعلومات والمهارات المطلوبة لغياب العنصر التفاعلي الذي هو أساس أي برنامج تدريبي.
ومع بداية عام ٢٠٢٠ ودخولنا في الحظر الصحي الشامل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي النافذة الوحيدة التي نطل منها على العالم، ومع رغبتي بانتهاز الفرصة وتعلم المهارات الجديدة بدأت البحث عن “منصات التعلم عن بعد” ولم أتخيل كمية الدورات التدريبية فيها وجودة المحتوى المقدم وكفاءة المدربين، فحضرت العديد من الدورات الإدارية والتنموية على مدار هذا العام الذي اُعتبر الأسوأ منذ عقود، أما بالنسبة لي فكان “استراحة محارب وتطويراً للذات”.
منصات ومواقع للتعلم عن بعد
في بدايةِ بحثي على الإنترنت واستشارة الأصدقاء حصلت على العديد من المنصات التعليمية مثل “إدومي” و “ندرس” و “نفهم” و اللواتي اكتفيت بمجرد الإطلاع على محتواها…..
أما المنصات التي حضرتُ عليها العديد من الدورات كانت:
١- منصة كورسيرا:
المنصة الأشهر عالمياً والتي تقدم الدورات التدريبية بالتعاون مع أفضل الجامعات على مستوى العالم وأفضل المدربين والاختصاصيين.
حضرت على منصة كورسيرا العديد من الدورات من كبار المحاضرين والمدربين في العالم ومن هذه الدورات:
“إدارة الجودة” و “التخطيط الاستراتيجي في العمل والمؤسسات”
وأهم دورة حضرتها على المنصة “تعلم كيف تتعلم” والتي احتلت المركز الثاني على المنصة حيث حضرها أكثر من 4.8 مليون متدرب على مستوى العالم وتكمن أهميتها بالتركيز على المهارات العقلية البسيطة والتعلم عن طريق اللاوعي وامتلاك مهارة التعلم النشط والسريع التي أصبح من أساسيات هذا العصر.
٢- منصة إدراك:
إدراك هي منصة عربية ذات محتوى قيم تم تصنيفها الأولى عربياً لاعتمادها على أفضل المدربين العرب، ومما أراه لطيفاً فيها إجرائها لمقابلات عفوية في الأماكن العامة، فسماعك لآراء الشارع العربي تزيد من انتمائك للمنصة من وجهة نطري.
حضرت فيها العديد من الدورات التدريبية مثل:
“خدمة العملاء”
“التسويق الإلكتروني والتواجد الرقمي الصحيح”
“الإدارة المالية الشخصية”
أهمهم بالنسبة لي كانت دورة ” تحسين محركات البحث” فقوة المدرب وشمولية المحتوى زادت من قدراتي ورفعت من كفاءتي مما زاد من دخلي وفرصي في العمل الحر على الإنترنت.
٣- منصة رواق:
منصة رواق تتميز بتنوع المحتوى بين دورات مجانية ومدفوعة، وتتيح الفرصة بشكل دائم لانضمام المدربين الجدد ضمن فريقها مما يجدد من محتواها بشكل دائم.
ومن أفضل الدورات التدريبية التي حضرتها على المنصة:
“بناء الهوية البصرية الشخصية” ففي السابق انتشر مفهوم الهوية البصرية للشركات والمنتجات، ولم أتوقع أن يكون لكل منا هويته البصرية المحددة التي يجب عليه إيصالها لعملائه أو زملائه في العمل وحتى عائلته، واعتبرها من أفضل الدورات التي حضرتها في عام ٢٠٢٠.
٤- اليوتيوب:
لا تستهن أبداً باليوتيوب كمنصة تعليمية فهناك آلاف القنوات التعليمية التي تقدم محتوى ودورات متكاملة مثل( مهارات التصميم، تعلم فن الإضاءة، تعلم اللغات) والحديث يطول.
كيف ابدأ بالتعلم عن بعد بفاعلية؟
١- حدد وجهتك ولا تتشتت:
في رحلتك التعليمة عليك أن تعلم جيداً أن عالم الإنترنت كبير جداً ومليء بالمعلومات والدورات التدريبية ما عليك إلا أن تحدد:
من أنت؟
هل أنت المبرمج والمطور؟
أم أنك رائد الأعمال؟
أم المدير الناجح؟
أم المهتم بالتنمية الذاتية واكتساب العادات؟
فتحديد الهوية مهم جداً لتختار الدورات التي ستفيدك في مجالك…
إياك وإتباع الرائج وتبدأ مشواراً جديداً تحت مسمى “أنه الطريق الجديد لكسب المال.”
دائماً طور من نفسك في اختصاص واحد أو اثنين لا أكثر حتى لا تفقد السيطرة وتمل ما بدئت به.
٢- احذر الحماس الزائد:
اطمئن إن منصات التعلم عن بعد مستمرة ولن تختفي!
وصدقني هي متاحة في أي وقت تريد….
لذلك اطمئن ولا تسجل كل الدورات سوياً، فالخطأ الشائع أن يلتحق المتدرب بالعديد من الدورات المتوافرة، فيتشتت العقل وسط هذا الفيض من المعلومات، والأسوأ أن تكون هذه الدورات مختلفة المضمون و من مجالات مختلفة تماماً، الأمر الذي يصعب عليك المهمة.
امتلك نجاحك خطوة بخطوة، حدد مسارك خلال هذا العام وفكر بالخطوة الأولى فقط…
ابدأ بأول دورة تدريبية، ثم طبق المهارة التي امتلكتها، وبعد فترة من الزمن انتقل للأخرى.
٣- إلتحق بالدورات الناطقة باللغة الإنكليزية:
عند حضورك لكورس “تعلم كيف تتعلم” على منصة كورسيرا ستلاحظ التركيز على فكرة التعلم بالاعتماد على عقلك اللاواعي، فعند حضورك لكورس باللغة الإنكليزية رغم عدم فهمك التام للأفكار أو استعانتك بالترجمة إلا أن هذا الأمر سيزيد من محصلتك اللغوية ويطور مهارة الاستماع ويساعدك بشكل كبير بتعلم النطق والسليم وبذلك أن تمارس اللغة الإنكليزية بدون وعي.
٤- كوِّن فريق النجاح:
انشر على وسائل التواصل بين أصدقائك اهتمامك بإحدى الدورات التدريبية ورغبتك بحضورها واسألهم عن رغبتهم بحضورها، فمن الممكن أن تكون مصدر إلهام لأحد من أصدقائك,
وعند حضوركم الدورة تناقشوا بأهم الأفكار والمهارات التي حضرتموها، فعند مناقشتك لأي فكرة وإثبات صحتها تتحول بشكل دائم للذاكرة طويلة الأمد مما يثبتها ويعزز مقدرتك على اكتسابها وتطويرها وبربطها بمهاراتك السابقة.
كيف أعرف أن هذا الكورس جيد و ذو محتوى قيم؟
١- في البداية يجب عليك اختيار المنصة الأفضل والتي تبتعد كل البعد عن المكاسب المادية ومشهود لها بجودة المحتوى المقدم.
٢- وبعد اختيار المنصة تابع الفيديو التعريفي لهذه الدورة وما هي أهم المحاور التي تقدمها وما هي المهارات التي ستكتسبها.
٣- وفي حال لم تكن الفكرة كافية، ابحث خارج المنصة عن موضوع الدورة (على سبيل المثال اليوتيوب)، أو أدخل على منتدى الدردشة المخصص للمتدربين لتعرف آراء المتدربين وما هي الفوائد من هذه الدورة، ولا مانع من طرح السؤال بشكل مباشر عليهم…. ما هي الفائدة التي اكتسبوها من هذا الكورس؟
الشهادات أم المهارات؟
في بداية مشوارك المهني والعلمي ستكون الشهادة أمراً لابد منه للتقدم لأي وظيفة فهي الوثيقة التي تؤكد امتلاكك لهذه المهارة مع اختلاف الأهمية قليلاً بالنسبة للدورات عن بعد “الأونلاين.”
ومع الأيام وبامتلاكك للخبرات وتطورك المهني لا يعد هناك أي أهمية للشهادة وتحديداً في العالم الرقمي…..
فالأساس هو طريقة عملك وسمعتك وخبراتك، ومن الجمل التي سمعتها مرة وأحبها كثيراً (عليك تطوير نفسك بشكل دائم لتحذف من سيرتك الذاتية باستمرار شهادة أو خبرة مررت بها لتصل للمرحلة التي يصبح اسمك وحده كاف لأي مشروع).
أيهما أفضل الدورات المباشرة أم الدورات عن بعد “أونلاين”؟
في عصر المعلومات والوفرة لا نستطيع إطلاقاً الاعتماد على الدورات المباشرة، فمثلاً الدورات المحلية لا تواكب بشكل سريع كل التطورات والاكتشافات التي تتم بشكل يومي، والسفر لحضور هذه الدورات بات بالأمر المستحيل وباهظ التكلفة….
أما بالنسبة للدورات عن بعد “الأونلاين” من السهل الوصول لأي محاضر في العالم والأهم من ذلك منخفضة التكاليف مقارنة بحضورها مباشرةً.
في حال كنت مدرباً كيف أقدم برنامج تدريبي تفاعلي؟
اليوم يتم تقديم برامج خاصة وتدريبات عالمية استحدثت حديثاً بعد الأزمة الصحية التي مر بها العالم هذا العام، وهدفها الطريقة الأفضل لإعداد الدورات التدريبية والدروس عن بعد بطريقة تفاعلية عن طريق برامج التواصل مثل “ZOOM” وبرامج أخرى.
وإن كنت مهتماً بالفكرة وتريد إعداد برنامج تدريبي تفاعلي متكامل فأنصحك بمتابعة المدرب “إياد يعقوب” و هو مرشد مهني واختصاصي تعليم وتطوير مع جامعة “ستاندفورد الأمريكية” ومحاضر في جامعة “كاليفورنيا”، يقدم حالياً دورات تدريبية متكاملة في هذا الإطار، آخرها كان بالتعاون مع “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” وبالتأكيد تدريباته يتم تقديمها عن بعد “أونلاين”.
تبقى في النهاية الدورات التدريبية المباشرة ذات طابع تفاعلي مميز تشعر ضمنها بالحماس وتدار النقاشات بطرق فعالة أكثر لا مجال فيها للخجل أو عدم الظهور، ولكن في ظروف مشابهة لما نمر به لا يوجد بديل سوى الدورات عن بعد “أونلاين” وخصوصاً أنها تقدم من قبل أفضل الجهات والمدربين وفي كل المجالات.
وأتمنى لكم كل التوفيق في رحلتكم التعليمية.
اضف تعليق