بقلم إيمان محمد
نشأت منذ صغري و أنا عاشقة لمهنة الطب البيطري بالتحديد، وذلك نظراً لطبيعة شخصيتي التي تمتاز بحب الحيوانات، حيث أشعر دائما بأنهم كائنات ضعيفة لا حول لها ولا قوة تتألم في صمت، ولهذا حرصت دائماً أن أساعدهم بالأكل والشرب، وكنت احيانا أُدافع عنهم عندما أرى من يقوم بأذيتهم.
و من أجل الحفاظ عليهم وتقديم المساعدة لهم بشكل دائم أردت أن تكون وظيفتي في مساعدة الحيوانات و علاجهم و تقديم لهم كل العون، ولهذا التحقت بكلية الطب البيطري في جامعة القاهرة، وبفضل من الله أكملت تعليمي بها حتى تخرجت وعملت في عيادة بيطرية.
و أريد أن أنقل لكم تجربتي كاملة لعلها تفيد أحدكم أو تساعده في تحديد مستقبله…. حيث أني أتلقى أسئلة كثيرة عن مهنتي عندما أخبر أحد أنني طبيبة بيطرية، خصوصاً من صغار السن.
ماذا يفعل الطبيب البيطري و كيف يمر يومه في العمل؟
سأُطلعكم على يومي في العيادة…. كيف يسير؟ وماذا يحدث به؟
يبدأ يومي من الساعة العاشرة صباحاً، حيث أقوم بفتح عيادتي و انتظار الحالات.
حالات روتينية
هناك حالات روتينية أكون مستعدة لها كل يوم و هي حالات لأخذ التطعيمات الدورية، فإذا كان كلب مثلاً يحتاج للتطعيمات يحضره صاحبه و يكون بجواره حتى يقوم بإمساكه جيداً، وحتى يشعر الكلب بالاطمئنان و اعطيه التطعيمات، أما إذا كانت قطة فأمرها أسهل بكثير من الكلاب حيث أستطيع السيطرة عليها بمفردي، و هذا بالنسبة للتطيعمات الدورية.
حالات تحتاج للفحص و وصف الدواء المناسب
أما بالنسبة للحالات الأخرى، فمن الحالات التي تمر دائماً على عيادتي خلال اليوم هي قط أو كلب يعانون من تساقط الشعر أو من ضعف الجسم و الإعياء الشديد.
وطبعاً في هذه الحالة يجب أولاً أن أشك في إصابتهم بديدان، سواء خارجية أو داخلية.
و لأفهم الحالة أقوم بأخذ عينة سواء من الجلد أو البراز، ثم أقوم بفحصها تحت الميكروسكوب لنعرف نوع الديدان وإعطاء الدواء المناسب لهم.
و من مزايا الطب البيطري هي أنك تعالج حيوان وهو غير قادر على الكلام، و أنت من تستطيع تخفيف هذه الآلام بوصفك للدواء المناسب. و هو حقاً يشعرك بالراحة و له ثواب عظيم من الله.
حالات مختلفة و تترك أثر جميل
و بين الحين و الآخر تمر حالات فريدة تستدعي العمل بشكل مختلف. و على سبيل المثال من الحالات الجميلة التي أشرفت على علاجها منذ فترة قريبة هي عملية ولادة قيصرية لقطة حيث قُمت مع الفريق المساعد لي بتخديرها أولاً عن طريق حقنها بماده مخدرة، ثم فتح بطنها وإخراج صغارها و وضعهم في صندوق صغير مخصص للولادة.
وبعد الانتهاء من خياطة الجرح نقوم بوضع القطة مع صغارها في نفس الصندوق حيث تبدأ القطة في لحس الصغار حتى تتعرف على رائحتهم ثم بعد ذلك تتدفعهم إلى التقاط ثديها.
حقاً هو شعور ممتع و أنت تشاهد عظمة الله وتتذكر قوله تعالى {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم}. و هذه تعتبر أعظم مزايا مهنة الطب البيطري حيث تجعلك تشاهد عن قرب عظمة وقدرة المولى عز وجل.
الطبيب البيطري هو طبيب الإنسانية
كما يقولون…. اذا كان الطبيب البشري طبيب البشرية .. فالطبيب البيطري هو طبيب الإنسانية، بمعنى أنه يعمل على تحقيق الصحة للمجتمع بأكمله من إنسان وحيوان.
فالطبيب البيطري يعمل علي علاج الحيوانات والمحافظة على صحتهم وتوفير العلاج اللازم لهم.
ولكن كيف يعمل على تحقيق صحة الإنسان؟
دعوني أُجيب عن هذا السؤال عن طريق طرحي لبعض الأسئلة…..
من الذي يقوم بالمراقبة علي اللحوم في المجازر والتأكد من صلاحيتها وخلوها من الأمراض التي يمكن أن تؤذي الإنسان؟
من الذي يراقب على الأغذية في المصانع من زيوت ومعلبات وعصير وغيرها حتى يتم التأكد من مطابقتها للمواصفات الصحية؟
من الذي يعمل في الحجر الصحي، ويواجه الأوبئة التي تنتقل من بلد لأخر والتي قد تصيب الإنسان وتؤدي إلى موته؟
من الذي يواجه الأمراض القومية التي تصيب البلاد كالطاعون وانفلونزا الطيور؟
اذا أجبت كل هذه التساؤلات ستعرف علاقه الطبيب البيطري بصحة الإنسان، وكيف يعتبر خط الدفاع الأول ضد الأمراض التي تصيب الإنسان.
مجالات عمل الطبيب البيطري
والآن دعوني أتحدث باختصار عن مجالات عمل الطبيب البيطري :
١- العمل في مستشفى حكومي أو خاص أو عيادات بيطرية.
٢- العمل في المزارع بأنواعها ( خيول – دواجن – أرانب – ماشية )
٣- العمل في المجازر للرقابة على اللحوم.
٤- الرقابة على الأغذية في المصانع والشركات.
٥- العمل في الحجر الصحي.
٦- فتح عيادة حيوانات صغيرة (قطط – كلاب).
٧- فتح مشروع خاص (تربية دواجن – أرانب).
٨- العمل في مجال التحاليل الطبية (بعد الحصول على دبلومة تحليل).
و هذه المجالات مطلوبة في العديد من الدول، مما يسمح لك السفر للخارج والعمل في أي دولة.
عيوب العمل في الطب البيطري
ولكن دائماً لكل شيء مميزات وعيوب، فاسمحوا لي أن أوضح لكم عيوب الطب البيطري….
و لأكون صريحة معكم أنا أرى عيب مرتبط بالمجتمع الذي نعيش فيه و ليس في المهنة نفسها، و على نظرة المجتمع لمهنة الطب البيطري.
وهذا نتيجة لجهل المجتمع بدور الطبيب البيطري، حيث يلقى الطبيب البيطري تهميش لدوره و يتم اقصاءه بعيداً عن الأضواء…. و هذا التهميش هو بسبب ثقافة المجتمع و يعتمد على مستوى الرقي و الثقافة في المكان، فمثلاً في دول أوروبا و أيضاً بعض دول الخليج تعتبر مهنة الطبيب البيطري ذات دخل عالي و لها احترامها.
كلمة أخيرة
في النهاية اذا أرت أن تكون طبيب بيطري في يوم من الأيام لابد أن تكون رحيم بالحيوانات ولديك القدرة على مساعدتهم، و تذكر دائماً أن مساعدة الحيوان ليست فقط واجبة على الطبيب البيطري، بل يجب على كل إنسان أن يقدم المساعدة للحيوان، فرفقاً بهم….
وأخيراً أتمنى أن يكون قد وفقني الله في شرح لكم عظمة مهنة الطبيب البيطري.
و أتمنى لكم يوماً سعيداً …
اضف تعليق